سورة الرحمن - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرحمن)


        


{سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ} فيه وجهان:
أحدهما: أي لنقومن عليكم على وجه التهديد.
الثاني: سنقصد إلى حسابكم ومجازاتكم على أعمالكم وهذا وعيد لأن الله تعالى لا يشغله شأن عن شأن، وقال جرير:
الآن وقد فرغت إلى نمير *** فهذا حين كنت لها عذاباً
أي قصدت لهم، والثقلان الإنس والجن سموا بذلك لأنهم ثقل على الأرض.

{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقطَارِ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ} فيه وجهان:
أحدهما: إن استطعتم أن تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموا، لن تعلموه إلا بسلطان، قاله عطية العوفي.
الثاني: إن استطعتم أن تخرجوا من جوانب السموات والأرض هرباً من الموت فانفذوا، قاله الضحاك.

{لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يعني إلا بحجة، قاله مجاهد، قاله ابن بحر: والحجة الإيمان.
الثاني: لا تنفذون إلا بمُلْك وليس لكم مُلْك، قاله قتادة.
الثالث: معناه لا تنفذون إلا في سلطانه وملكه، لأنه مالك السموات والأرض وما بينهما، قاله ابن عباس.

{يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ} فيه أربعة أقاويل:
أحدها: أن الشواظ لهب النار، قاله ابن عباس، ومنه قول أمية بن أبي الصلت يهجو حسان بن ثابت:
يمانياً يظل يشد كيراً *** وينفخ دائباً لهب الشواظ
فأجابه حسان فقال:
همزتك فاختضعت بذل نفسٍ *** بقافية تأجج كالشواظ
الثاني: أنه قطعة من النار فيها خضرة، قاله مجاهد.
الثالث: أنه الدخان، رواه سعيد بن جبير، قال رؤبة بن العجاج:
إن لهم من وقعنا أقياظا *** ونار حرب تسعر الشواظا
الرابع: أنها طائفة من العذاب، قاله الحسن.
وأما النحاس ففيه أربعة أقاويل:
أحدها: أنه الصفر المذاب على رؤوسهم، قاله مجاهد، وقتادة.
الثاني: أنه دخان النار، قاله ابن عباس، قال النابغة الجعدي:
كضوء سراج السلي *** ط لم يجعل الله فيه نحاساً
الثالث: أنه القتل، قاله عبد الله بن أبي بكرة.
الرابع: أنه نحس لأعمالهم، قاله الحسن.


{فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَآءُ} يعني يوم القيامة.
{فَكَانَتْ وَرْدَةً} فيه وجهان:
أحدهما: وردة البستان، وهي حمراء، وقد تختلف ألوانها لكن الأغلب من ألوانها الحمرة، وبها يضرب المثل في لون الحمرة، قال عبد بني الحسحاس:
فلو كنت ورداً لونه لعشقتني *** ولكن ربي شانني بسواديا
كذلك تصير السماء يوم القيامة حمراء كالورد، قاله ابن بحر.
الثاني: أنه أراد بالوردة الفرس الورد يكون في الربيع أصفر وفي الشتاء أغبر، فشبه السماء يوم القيامة في اختلاف ألوانها بالفرس الورد، لاختلاف ألوانه، قاله الكلبي والفراء.

وفي قوله: {كَالدِّهَانِ} خمسة أوجه:
أحدها: يعني خالصة، قاله الضحاك.
الثاني: صافية، قاله الأخفش.
الثالث: ذات ألوان، قاله الحسن.
الرابع: صفراء كلون الدهن، وهذا قول عطاء الخراساني، وأبي الجوزاء.
الخامس: الدهان أديم الأرض الأحمر، قاله ابن عباس، قال الأعشى:
وأجرد من فحول الخيل طرف *** كأن على شواكله دهانا
وزعم المتقدمون أن أصل لون السماء الحمرة، وأنها لكثرة الحوائل وبعد المسافة ترى بهذا اللون الأزرق، وشبهوا ذلك بعروق البدن هي حمراء كحمرة الدم وترى بالحائل زرقاء، فإن كان هذا صحيحاً فإن السماء لقربها من النواظر يوم القيامة وارتفاع الحواجز ترى حمراء لأنه أصل لونها.

{فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنْبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ} فيه خمسة أقاويل:
أحدها: كانت المسألة قبل، ثم ختم على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، قاله قتادة.
الثاني: أنه لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا، قاله ابن عباس.
الثالث: لا يسأل الملائكة عنهم لأنهم قد رفعوا أعمالهم في الدنيا، قاله مجاهد.
الرابع: أنه لا يسأل بعضهم بعضاً عن حاله لشغل كل واحد منهم بنفسه، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً.
الخامس: أنهم في يوم تبيض فيه وجوه وتسود فيه وجوه فهم معروفون بألوانهم فلم يسأل عنهم، قاله الفراء.
{يَطُوفَونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءَانٍ} قال قتادة: يطوفون مرة بين الحميم، ومرة بين الجحيم، والجحيم النار، والحميم الشراب.
وفي قوله تعالى: {ءَانٍ} ثلاثة أوجه:
أحدها: هو الذي انتهى حره وحميمه، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي، ومنه قول النابغة الذبياني:
وتخضب لحية غدرت وخانت *** بأحمر من نجيع الجوف آن
أي حار.
الثاني: أنه الحاضر، قاله محمد بن كعب.
الثالث: أنه الذي قد آن شربه وبلغ غايته، قاله مجاهد.


{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} وفي الخائف مقام ربه ثلاثة أقاويل:
أحدها: من خاف مقام ربه بعد أداء الفرائض، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه يهم بذنب فيذكر مقام ربه فيدعه، قاله مجاهد.
الثالث: أن ذلك نزل في أبي بكر رضي الله عنه خاصة حين ذكر ذات يوم الجنة حين أزلفت، والنار حين برزت، قاله عطاء وابن شوذب.
قال الضحاك: بل شرب ذات يوم لبناً على ظمأ فأعجبه، فسأل عنه فأُخْبِر أنه من غير حل، فاستقاءه ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه، فقال: «رَحِمَكَ اللَّهُ لَقَدْ أُنزِلَتْ فِيكَ آيَةٌ» وتلا عليه هذه الآية.
وفي {مقام ربه} قولان:
أحدهما: هو مقام بين يدي العرض والحساب.
الثاني: هو قيام الله تعالى بإحصاء ما اكتسب من خير وشر.
وفي هاتين الجنتين أربعة أوجه:
أحدها: جنة الإنس وجنة الجان، قاله مجاهد.
الثاني: جنة عدن، وجنة النعيم، قاله مقاتل.
الثالث: أنهما بستانان من بساتين الجنة، وروي ذلك مرفوعاً لأن البستان يسمى جنة.
الرابع: أن إحدى الجنتين منزله، والأخرى منزل أزواجه وخدامه كما يفعله رؤساء الدنيا.
ويحتمل خامساً: أن إحدى الجنتين مسكنه، والأخرى بستانه.
ويحتمل سادساً: أن إحدى الجنتين أسافل القصور، والأخرى أعاليها.

{ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: ذواتا ألوان، قاله ابن عباس.
الثاني: ذواتا أنواع من الفاكهة، قاله الضحاك.
الثالث: ذواتا أتا وسَعَةٍ، قاله الربيع بن أنس.
الرابع: ذواتا أغصان، قاله الأخفش وابن بحر.
والأفنان جمع واحده فنن كما قال الشاعر:
ما هاج سوقك من هديل حمامة *** تدعوا على فنن الغصون حماما
تدعو أبا فرخين صادف ضارياً *** ذا مخلبين من الصقور قطاما

1 | 2 | 3